الأنهار الجليدية السويسرية تواجه صيفاً صعباً بعد تراجع الغطاء الثلجي
الأنهار الجليدية السويسرية تواجه صيفاً صعباً بعد تراجع الغطاء الثلجي
أظهرت بيانات صادرة عن شبكة مراقبة الأنهار الجليدية السويسرية "غلاموس"، الاثنين، أن الغطاء الثلجي على الأنهار الجليدية في البلاد تراجع بنسبة 13% عن المعدّل المسجّل في الفترة ما بين عامَي 2010 و2020، في مؤشر جديد على تسارع تأثيرات تغيّر المناخ على جبال الألب.
وقال ماتياس هوس، رئيس شبكة "غلاموس"، إن فريقه أجرى حملات قياس ميدانية في شهري أبريل ومايو على 21 نهرًا جليديًا في مختلف أنحاء البلاد، وهي فترة الذروة السنوية لتراكم الثلوج، بحسب فرانس برس.
وبحسب التقرير، فقد تراوحت كميات الثلوج المسجّلة ما بين صفر و52% من المعدّل المرجعي، بينما بلغ سمك الغطاء الثلجي بين متر وأربعة أمتار فقط، وهو ما يقل بشكل واضح عن الأرقام المعتادة.
شتاء أفضل من السابق
وعلى الرغم من أن نسبة التراجع هذا العام أقل من تلك التي سُجّلت خلال شتاءي 2022 و2023، اللذين شهدا جفافًا شديدًا، فإن البيانات لا تبشّر بصيف سهل.
وقال هوس في منشور عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا): "القياسات تشير إلى عام جاف آخر، مع تأثيرات كبيرة متوقعة على الذوبان خلال الصيف المقبل".. وأضاف: "إنها سنة صعبة أخرى تنتظر الأنهار الجليدية".
ويعد الغطاء الثلجي عنصراً حاسماً في الحفاظ على الأنهار الجليدية، إذ يسهم في إعادة شحن كتل الجليد خلال الشتاء، ويعمل كطبقة عازلة تحميها من حرارة الربيع والصيف.
لكن خلال عامي 2022 و2023، ذابت الأنهار الجليدية السويسرية بمعدل يعادل تقريبًا ما خسرته في ثلاثين عامًا من 1960 إلى 1990، أي نحو 10% من إجمالي حجمها.
ورغم تساقط الثلوج بكثافة في بعض مناطق البلاد خلال شتاء 2024، فقدت الأنهار الجليدية 2.4% من حجمها في الصيف الماضي بسبب الذوبان المتسارع الناتج عن ترسّب الغبار القادم من الصحراء الكبرى، والذي أدى إلى تغيّر لون سطح الجليد وتقليل تأثير الانعكاس الطبيعي لأشعة الشمس.
تحذيرات من صيف حار
تحذّر "غلاموس" من أن استمرار هذه الاتجاهات المناخية يعني صيفًا قاسيًا قادمًا، مع مزيد من فقدان الكتل الجليدية الحيوية، ما يهدد المنظومة البيئية ومصادر المياه التي تعتمد عليها أجزاء كبيرة من أوروبا.
ويشير التغيّر المناخي إلى التحولات طويلة الأمد في درجات الحرارة وأنماط الطقس على كوكب الأرض، والتي ازدادت حدّتها بشكل غير مسبوق نتيجة النشاط البشري، لا سيّما منذ الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر.
ويُعزى هذا التغيّر في المقام الأول إلى انبعاثات الغازات الدفيئة، مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري (النفط، والفحم، والغاز)، وقطع الغابات، والتوسع العمراني والصناعي.
وتحبس هذه الغازات الحرارة في الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض، وما يرافقه من آثار متسلسلة تشمل، ذوبان الأنهار الجليدية والقمم الثلجية، وارتفاع مستوى سطح البحر، وموجات حر وجفاف غير معتادة، وفيضانات وأعاصير أكثر قوة.
وتقرّ معظم الهيئات العلمية الدولية، وعلى رأسها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ (IPCC)، بأن التغيّر المناخي يمثل تهديدًا عالميًا حادًا، يتطلب استجابات سياسية عاجلة للحد من الانبعاثات والتحوّل نحو الطاقة النظيفة.